هل تجاوزت السلطات الإيرانية ازمة الاحتجاجات بعد اسبوع من انفجارها..؟ وما هي الدروس المستخلصة منها..؟ وهل استوعبت دول الجوار العربي الرسالة..؟
يمنات
أكدت وكالة “مهر” الإيرانية اليوم الخميس بأن وزارة الاتصالات رفعت الحجب عن تطبيق بعض وسائل التواصل الاجتماعي، وخاصة “انستغرام”، مما يوحي بتراجع حدة الاحتجاجات، وعودة الهدوء الى معظم انحاء البلاد.
كثيرون راهنوا على تفاقم الازمة، وكثيرون أيضا توقعوا سقوط النظام، وتحدثوا عن “ربيع ايراني”، ولكن إدارة السلطات الإيرانية للازمة بطريقة لافتة كانت المفاجأة الكبرى، سواء بتقليص الخسائر في الأرواح والاصابات الى الحدود الدنيا، او بالاعتراف بوقوع أخطاء اقتصادية فادحة أدت الى تصاعد الاحتجاجات ونزول المتظاهرين الى الشوارع للتعبير عن غضبهم من تفاقم الأوضاع المعيشية.
19 شخصا لقوا حتفهم اثناء هذه الاحتجاجات التي اندلعت قبل أسبوع (الخميس الماضي)، وهو امر مؤسف بكل المقاييس، خاصة ان هذه الاحتجاجات كانت سلمية، ولكن علينا ان نتذكر انها لو وقعت في الدول الديكتاتورية العربية التي لا تقيم وزنا لحقوق الانسان، ولم يعرف مواطنيها صناديق الاقتراع والبرلمانات والرئاسات المنتخبة، لارتفع هذا الرقم عشرات المرات.
دعم أمريكا واسرائيل وحلفائهما العرب لهذه الاحتجاجات كان دليلا واضحا على وجود بعض الايدي الخارجية خلفها، وارادت توظيف مطالب شعبية مشروعة لزعزعة استقرار البلاد وامنها، ولكن نجاح السلطات في إدارة الازمة، والاعتراف بالأخطاء، وتبصير الشعب بالمخاطر التي يمكن ان تترتب على الانقلاب الأمني، كلها عوامل أدت الى وأد هذه المحاولات المشبوهة في مهدها، ومنع اتساع نطاقها.
شعوب منطقة الشرق الأوسط، وبعد ان شاهدت من تدخلات أمريكية في شؤونها، ودعمها المباشر، او غير المباشر، لبعض الجهات التي سرقت الثورات العربية المطالبة بالعدالة الاجتماعية والحريات والديمقراطية، من خلال تمويلها بالمال والسلاح، تعلمت الدروس جيدا، والشعب الإيراني خصوصا، وتمسك بالحراك السلمي المشروع، ووضع مصلحة بلاده وامنها واستقرارها فوق كل اعتبار آخر.
الإيرانيون يعانون من حصار اقتصادي امريكي خانق، وعولوا كثيرا على الاتفاق النووي لرفع هذا الحصار، وتخفيف حدة معاناتهم، ولكن هذا التعويل لم يكن في محله، لان نوايا الإدارة الامريكية الحالية لم تكن سليمة، وتنطوي على الكثير من العدوانية، والسياسات التصعيدية الثأرية ضد ايران، ويجدون الدعم من بعض الحكومات العربية للأسف.
السلطات الإيرانية قدمت نموذجا في التحلي بأعلى درجات ضبط النفس، وتجنب إراقة دماء شعبها بقدر الإمكان، والتجاوب مع مطالبه المشروعة في العيش الكريم، واعطت بذلك درسا لدول الجوار التي قد تواجه الاحتجاجات نفسها، وربما ما هو اضخم منها، في المستقبل القريب، حيث تتآكل الدولة الريعية وتختفي تريليونات الدولارات في الفساد والبذخ واعمال نهب المال العام.
افتتاحية رأي اليوم
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا